"حاسي معطى الله " هو الذي وقعت فيه أول عملية قام بها جيش التحرير الشعبي الصحراوي البطل ضد المستعمر الاسباني ويحده من الشرق أو الجنوب الشرقي طارف المنعوم ومن الجنوب مجرى الوادي ومن الشمال الشرقي الخنكة ، و يعتبر "حاسي معطى الله" نقطة لقاء و تجمع بين القوات الاسبانية و القوات المغربية، والتي كانت تنسق فيما بينها للبحث عن المقاتلين الصحراويين حيث قامت هذه القوات بحملة مشتركة للبحث عن المقاتلين وذلك بتاريخ 20 أكتوبر 1974 استعمل فيها الحرس المحمول على الإبل ،السيارات ، الطائرات والمخبرين .
مسرح العملية: الأرض يوجد "حاسي معطى الله" في واد أكسات تحيط به المرتفعات من عدة جهات ، تبتعد عنه المرتفعات الشرقية قليلا وتقترب منه المرتفعات الغربية كثيرا ، ويتدرج من الجبل و يتدرج من الجبل الشرقي منحدر ينتهي بجرف مطل على "الحاسي"، و يوجد داخل الجرف موقع للحارس وأسفله توجد صخرة مجوفة تتسع لإخفاء مجموعة صغيرة .
المناخ : يعتبر المناخ بشكل عام في هذه المنطقة مناخا معتدلا إلا أنه في تلك الليلة أي ليلة العملية كانت الرياح قوية جدا وصدى صوت الجرف تحول إلى ما يشبه صوت سرب من الدبابات ، من جراء هطول أمطار غزيرة .
المياه : يعتبر "حاسي معطى الله" ماؤه صالح للشرب و يوجد شرقه بئر الخنكة المحروص من طرف القوات الاسبانية .
الطرق : صعبة و وعرة ولا يوجد سوى طريق واحد فقط بمحاذاة "واد أكسات" الذي يصب في واد الساقية الحمراء بالقرب من "حوزة" .السكان : المنطقة بها بدو رحل و هؤلاء السكان متعاونين مع المقاتلين بعد ما شملهم الوعي الوطني وأجج فيهم روح الوطنية وحب الوطن ومن بين هؤلاء المتعاونين نذكر: عائلة "بيبوه بدي ولد الحاج "الشاعر الوطني المعروف ، عائلة "هدي ولد سويلم" ،عائلة "حسينة ولد سعيد " ،عائلة " محمدعالي باها" وغيرهم من العائلات الصحراوية الكثيرة ومن بين المساهمات التي قام بها هؤلاء المواطنين المخلصين ما يلي : تقديم المؤن والجمال (لمراكيب) والمساقي ( لكرب) للمقاتلين و القيام بعمليات الاتصال بين المقاتلين ومكتب التنظيم ب "لمسيد" كما قاموا بإخفاء آثار المقاتلين من خلال الدفع بالغنم حتى لا يتم كشف آثارهم من طرف القوات المعادية .
المهمة الرئيسية : مهمة بلدة "جديرية" التحضير كما هو معلوم كان ينشط في المنطقة الشمالية مجموعة من جيش التحرير الشعبي الصحراوي تتكون من 16 مقاتلا وهم : عبد الرحمان عبدالله، الفراح يحظيه وركة، فضلي حمادي، سويليكي ديدة بيشرات، ابراهيم الخليل الراحل، سلامة الغزواني أباها، لعروصي المحفوظ، مولود المحجوب ، محمد لمين البوهالي ، بكار عمر أحمد(المعروف بمرزوك) ، البشير لحلاوي ،البو بيشا، الولي ماء العينين، محمدسويلم حيدار ، المامي امحمد دحان ، لكحل محمد سعيد محمود، الغزواني حمدي ، هذا الأخير تابع للمجموعة الثانية لكنه ضمن مجموعة التنسيق مع لكحل
الانطلاقة : المجموعة كانت مقسمة إلى فريقين، فريق كان يحاول نصب كمين في منطقة لحزام والفريق الثاني كان يدرس منطقة اجديرية وكيفية الهجوم عليها مع دراسة المنطقة المحيطة بها وحدد الفريقان موعدا يوم الفاتح مارس للا لتقاء في طارف السمانيات إذ توجد قربه ماء مخزن هناك وصل الفريق الأول القادم من منطقة لحزام أولا إلى النقطة المحددة وبعد مدة التحق به الفريق الثاني القادم من اتجاه حاسي معطى الله وحسب ما أفاد به محمد لمين ولد البوهالي أن أول صوت سمعه هو صوت عبد الرحمان و هو يغني مما استشفوا منه أن هناك حدث صار وبعد تبادل السلام قال عبد الرحمان (أزف إليكم بشرى لقد أصبح ماء حاسي معطى الله عذبا بعد سيلان الواد ) وتعد هذه البشرى من أعظم ما يمكن أن نتلقاه في تلك اللحظة نظرا لمعاناتنا من ماء الشرب والعطش الدائم . من نفس المكان اتجهنا نحو حاسي معطى الله نظرا لمرور العدو بالقرب منه باستمرار وفي اليوم الرابع مارس 1974 وصل الجميع إلى نفس النقطة حيث تم تقسيم المجموعة إلى مجموعتين حيث الاولى اسندت لها مهمة مهاجمة بلدة اجديرية تضم كل من عبدالرحمان عبدالله ،سلامة الغزواني ، مولود المحجوب، لعروصي المحفوظ، الفراح يحظيه ،سويليكي بيشرات، فضلي حمادي، أما المجموعة الثانية فقد بقيت تراقب حاسي معطى الله وهي تضم كل من محمد لمين ولد البوهالي ،البشير لحلاوي، ابراهيم الخليل الراحل، بكار عمر أحمد (مرزوك) ،محمد سويلم حيدار،المامي امحمد دحان، بينما كانت المجموعة الثانية متمركزة عند حاسي معطى الله تترقب قدوم دوريات معادية إلى عين المكان وانتظار قدوم المجموعة الأولى المكلفة بتنفيذ عملية اجديرية أتى رجل من البدو يوم السادس مارس 1974 والتقت أفراد من هذه المجموعة به وعندما سألوه عن سبب وجوده بهذا المكان قال لهم ( أنه يبحث عن قطيع له من الإبل) فأشاروا له إلى مكان وجودها ولكنهم حذروه بأن لا يبوح بمكان وجود المجموعة لأي كان إلا أنه يبدو أن هذا
الرجل لم يلتزم بهذا التحذير ربما قد يكون أخبر مركز الحراسة الاسباني بالخنكة ودلهم على مكان المجموعة وبعد يومين من مغادرة الرجل بينما كانت المجموعة في جلسة مع قائدها الذي كان يقرأ عليهم كتابا ثوريا ويشرحه فإذا بالحارس ينادي بأنه رأى شخصا قادما من الجنوب عبر الوادي فسأله قائد المجموعة عسكري أم مدني؟ في نفس اللحظة و فجأة إذا بطيارات على متنها جنود يطوقون مكان الحاسي الذي لا يتعدى بعده 50مترا عن الصخرة وكانت القوة الاسبانية هذه مكونة من سبع سيارات تحمل كل واحدة 5 جنود مسلحين بأسلحة أتوماتيكية وأجهزة اتصال فدار اشتباك عنيف على الساعة الواحدة إلا ربع من يوم الجمعة الثامن مارس 1974 بين الثوار والقوة الاسبانية المهاجمة دام ساعتين تكبد خلالها العدو خسائر في العدة و العتاد رغم عدم التكافؤ فعدد الثوار لا يتجاوز 5 مقاتلين فقط و2 من المجموعة كانا قد ذهبا في مهمة معينة ضف إلى ذلك ضعف التسليح وقلة الذخيرة خلال هذه العملية جرح البشير لحلاوي جرحا بليغا وبقي في مكانه يقاوم إلى ان نفذت ذخيرته حيث ألقي عليه القبض ونقل إلى بلدة اجديرية ليستشهد بعد ساعات متأثرا بجروحه وكان لمقبرة اجديرية الفخر في احتضان رفات هذا الشهيد الرمزالذي سيبقى راسخا في الذاكراة الجماعية للشعب الصحراوي كأول شهيد .
قوة الصديق في العملية : تتكون من سبعة مقاتلين مسلحين بأسلحة تكرارية لا يوجد منها في كامل الجاهزية إلا سلاحين بندقية ستة وثلاثين وبندقية رباعية هذه الأخيرة التي كانت بحوزة البشير لحلاوي أما بقية الأسلحة تتعطل من حين لآخر والبعض منها بدون ذخيرة منها رشاش CEM بحوزة
ابراهيم الخليل وآخر من نفس النوع لدى المامي امحمد دحان ، بالإضافة إلى بندقية سباعية بدون ذخيرة وبندقية بوفلكة تتعطل من حين لآخر وبندقية رباعية أخرى وللإشارة الاثنان اللذان ذهبا في مهمة كان الغرد منها التأكد من سلامة بعض المواد التي تم تخزينها في الجبل الذي يقع غرب الموقع وبعد هطول الأمطار التي أشرنا لها سالفا .قوات العدو في العملية : تتكون القوة الاسبانية raponomada من سبع سيارات في كل واحدة خمسة جنود مجهزين بأسلحة أتوماتيكية من نوع Simi español و Mj قاذفات قنابل رامنات وقنابل يدوية واثنين هاون Hawn" " ستين ميليمتر واستعمل العدو طائرات الاستطلاعية والعمودية في هذه العملية
نجدات العدو تتكون من Troponomada وقوات من الترسيو وقوات من البوليس ومن بين الظباط المشرفين عليها من البوليس الاسباني بالمنطقة الذي يحمل رتبة عقيد وللعلم بعد ما نفذت مجموعة الثوار العمليات اجديرية أوكيرة حاسي معطى الله تحركت القوات المعادية صوب المنطقة القادمة من مدينة العيون والسمارة وغيرها حيث قامت الفرقة الثانية للبوليس القادمة من مدينة العيون مدعومة بعناصر من المجموعة الأولى بالبحث في محيط اجديرية وبتفتيش دقيق لسكان المنطقة في حين قامت الفرقة الثالثة للبوليس القادمت من السمارة وقامت مجموعة Troponomada بتمشيط المنطقة واقتفاء أثر منفذي عملية اجديرية أما قوات الترسيو Troponomada المدعومة بالطائرات العمودية فقد قامت بملاحقة المجموعة المنفذة لعملية حاسي معطى الله هذه الأخيرة قامت بإنزال وحدات من قوات الترسيو والرماية صوب الأماكن
التي يعتقدون بوجود الثوار فيها وفي نفس الوقت محاولة اقتفاء هؤلاء الأبطال الذين ما كان لهم إلا الصمود وتنظيم أنفسهم والاستعداد للمواجهة والقتال ودرك القوات الاسبانية التي تتقدم نحوهم من أجل اصطيادها والحصول على أسلحتها وذخائر تمكنهم من المقاومة وبشكل مفاجئ أعطى قائد هذه القوات أمرا بالانسحاب رغم أنه قد سبق له أن أمر باتخاذ وضعية الارتكاز والاستعداد للرماية في حين قامت طائرات هيليكوبتر بقصف عشوائي على الشعاب والأجراف بعد انسحاب هذه القوات بقي الثوار في مكانهم وارسلوا اثنين من المجموعة إلى نقطة التنسيق لينسحبوا بعد ذلك إلى واد تيسميميت إلا أن العدو لم يستسغ انسحابهم فحاول اللحاق بهم وفي اليوم الموالي التاسع مارس 1974 فما كان لهم سوى التمركز في الوادي مدة أسبوع كامل في انتظار أن تلتحق بها المجموعة الثانية .
صعوبة المعركة : قلة عدد الثوار وضعف تسليحهم سيطرة العدو على مصادر المياه وأقرب نقطة من موقع الثوار تبعد عنهم ب 40 كيلومترا بواد أزكل ضعف الوعي السياسي لدى بعض المواطنين أدى إلى كشف موقع الثوار كثرة دوريات العدو الاسباني وتعاون الاسبان مع المغاربة في البحث عن الثوار.
استنتاجات وخلاصات: بفضل هذا العدد القليل من الرجال المؤمنين بقوة عزيمتهم وفعلهم القتالي استنفروا مختلف تلاوين الجيش الاسباني من بوليس Troponomada الترسيو مما فرض حضور العقيد قائد القوات الاسبانية بالمنطقة وإشرافه المباشر على القيادة دليل على حجم المعركة . فشل الاسبان في القضاء على المقاومة وتأجيج روح الحقد على المستعمر الاسباني نتيجة لما قام به قواته من
فضيع يندى له الجبين وهو انتهاك حرمة الموتى حيث أقدمت على استخراج جثة الشهيد عبد الرحمان عبدالله لتقوم بالتقاط صورة له . فشل الحملة المشتركة الاسبانية المغربية. مساهمة من الأهالي المخلصين ومساعدتهم للثوار كان له الأثر الكبير في نفوسهم وتغلبهم على الصعاب . مساهمة مجندين صحراويين في الجيش البريطاني في تضليل جيش المستعمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق